اعتبر المجلس الاقتصادي والاجتماعي في رأيه الأخير المتعلق بتسويق المنتجات الفلاحية، أن الجهود المبذولة عبر مبادرات من عدة فاعلين عموميين وخواص، من أجل تعزيز الولوج إلى الأسواق الدولية، لا سيما أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية وروسيا وإفريقيا، غير كافية في ظل الأزمة الصحية الناجمة عن فيروس كورونا.
وأوضح المجلس أن القطاع الفلاحي استطاع الحفاظ على وتيرة مطردة في نمو الصادرات؛ إذ انتقلت قيمة صادرات هذا القطاع من 17,2 مليار درهم في سنة 2010، إلى حوالي 40 مليار درهم سنة 2020، أي بزيادة قدرها 130 في المائة، مبرزا أن مثل هذه النتائج تشجع المصدرين على الولوج إلى الأسواق الخارجية لتطوير هذا المكون ضمن سلسلة القيمة، وجلب العملة الصعبة، التي تمكنهم من تغطية مصاريف أعلى سلسلة الإنتاج، خاصة في ما يتعلق بشراء آليات العمل، والمدخلات، والخدمات اللوجستية.
وفي المقابل، أكد المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي أن الأزمة الصحية الناجمة عن فيروس كورونا، كشفت عن ضرورة مراجعة هذا النموذج الموجه إلى التصدير وقدرته على الصمود؛ سواء بالنسبة للمملكة أو بقية العالم، الذي يشهد حاليا العديد من التغييرات في مجال التسويق الدولي، “وهي تحولات تستدعي أن يوليها صناع السياسات ومختلف المنتجين كامل الاهتمام”.
وفي هذا السياق، تطرق المجلس إلى جملة من الصعوبات التي تواجه المنتجين المغاربة في مسعاهم إلى ولوج الأسواق الخارجية بأسعار مشجعة؛ على رأسها ضعف استفادة صغار الفلاحين من تثمين فعلي لمنتجاتهم، واستمرار المشاكل نفسها بين المصدرين الصغار والمتوسطين.
كما أشار المجلس إلى ضعف التنسيق بين المنتجين المغاربة، “مما يزيد من حدة التنافس بينهم في السوق الدولية، ويؤثر سلبا على تسويق المنتجات المغربية”، فضلا عن كون “تسويق المنتجات المغربية في الأسواق الإفريقية يواجه جملة من الصعوبات المتعلقة بالنقل والتعبئة والحفظ والسلامة”.
ووقف المجلس، في رأيه، على عدم اعتماد مجموعات المصدرين لسياسة موحدة للقطاع، إضافة إلى المنافسة المتزايدة لبعض البلدان الفلاحية الصاعدة مثل مصر وتركيا، وضعف استفادة مجموعات المصدرين من بعض الفرص التي توفرها اتفاقيات التبادل الحر.
وأمام هذه العوائق، يضيف المجلس، يضطر هؤلاء الفلاحون، خصوصا الصغار والمتوسطون، إلى المرور عبر فاعل مكلف بجمع المحاصيل أو اعتماد شكل من أشكال التنظيم يسمح لهم بالحصول على جزء من عائدات تثمين منتجاتهم، والولوج بسهولة إلى الأسواق الخارجية، “لا سيما وأن هذه الأخيرة أضحت أكثر تطلبا بالظر للقواعد الجديدة التي توصي بها استراتيجية “الاتفاق الأخضر” الذي يعد الركيزة الأساسية للسياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي”، وفق معطيات المجلس.
وتم في هذا الصدد، بحسب المصدر ذاته، اتخاذ جملة من المبادرات من لدن الفاعلين المعنيين لتوحيد جهودهم، وتنسيق أعمالهم، من أجل ضمان انتقال فعال نحو اقتصاد مغربي خال من الكربون، “لا سيما وأن العديد من البلدان والتكتلات الاقتصادية تعتزم سن ضريبة الكربون على الواردات، بما فيها المنتجات الفلاحية”.
وحسب آراء الفاعلين، الذين تم الإنصات إليهم من قبل المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، تطرح الزراعات الموجهة للتصدير، ذات الاستهلاك العالي من المياه من قبيل البطيخ والبرتقال، رهانا رئيسيا للبلاد في ما يخص الأمن المائي، واعتبر المجلس، بناء على ذلك، أن مستقبل هؤلاء الفلاحين قد يظل رهينا بالابتكارات التكنولوجية المستقبلية، خاصة في مجال إنتاج واقتصاد الماء.