بعد أكثر من حوالي 19 شهرا من الركود والموت السريري الذي خلفته تداعيات جائحة “كوفيد19″، بدأت الحركة الطبيعية تدب بساحة جامع الفناء بمراكش بشكل تدريجي خلال العطلة المدرسية وفتح الحدود الجوية؛ وهو ما ينبئ بعودة الروح إلى فضاء هذه الساحة التاريخية التي تعد القلب النابض لعاصمة النخيل، بعد الإجراءات التي اتخذتها الحكومة مؤخرا بفتح الحدود الجوية، نتيجة تحسن الوضع الوبائي ببلادنا.
وخلال جولة قامت بساحة جامع الفنا والأسواق المحيطة بها، وقفت على الاكتظاظ الذي تعرفه الأزقة الضيقة للمدينة العتيقة وشارع محمد الخامس الذي يربط أيقونة بهجة الجنوب بحي جليز؛ ما يؤكد عودة عجلة الحياة إلى الدوران مجددا على المستوى الاقتصادي والسياحي والثقافي، وبساحة جامع الفنا التي تدخل ضمن قائمة الساحات المصنفة ضمن التراث الثقافي اللامادي لليونسكو منذ سنة 2008.
وأجمعت التصريحات من التجار وأصحاب المقاهي ومطاعم الهواء الطلق على ارتياحهم لعودة الحياة إلى ساحة جامع الفنا، واستقبال سماء مراكش للرحلات الجوية، والتي حجت من دول مختلفة، من قبيل فرنسا وإنجلترا وتركيا وسويسرا وإسبانيا ومن إسرائيل، بعد أزيد من سنتين من الركود أصبحت معها الساحة تعيش فراغا وسكونا أخفى بهجتها وجماليتها ونشاطها التجاري الدائب.
زوار مراكش هم أيضا عبروا عن سعادتهم بإجراءات التخفيف التي أعادت الأمل من جديد في إحياء الحركية التي كانت تعرفها ساحة جامع الفنا، قبل تفشي هذه الأزمة الصحية العالمية؛ لأن لا قيمة لمراكش بدون هذه الساحة التي يعود تأسيسها إلى القرن الحادي عشر، ما جعلها تشكل أيقونة المدينة الحمراء، حيث رواد الحلقة يرسمون لوحات فنية وتراثية تضفي بأصوات آلاتها الموسيقية وحركات مروضي الأفاعي والقردة والحكواتيين رونقا خاصا.
كريمة، سيدة من مدينة الدار البيضاء التقتها هسبريس لحظة تفاوضها مع صاحب عربة مجرورة بالخيول للقيام بجولة سياحية، قالت: “كنا نأتي إلى مدينة مراكش، ونجد هذه الساحة خاوية على عروشها”، مضيفة: “أما اليوم فقد عادت الروح إليها، لأن روحها هي ساحة جامع الفنا”.
وتابعت قائلة: “الحمد لله، أصبحت الساحة مليئة بزوارها، وعادت رواد الحلقة إلى نشاطهم، والرواج الاقتصادي بدأ يدب بين جنباتها رويدا رويدا، من خلال عودة أصحاب المأكولات المتنقلة والعربات المختصة بتحضير العصائر والمحلات التجارية بمختلف منتوجاتها المتنوعة؛ ما سيساهم في استعادة الساحة إلى مكانتها كأول قبلة للسياحة الوطنية وتعزز تمركزها ضمن المواقع التاريخية الأكثر جاذبية للسياح في العالم”.
وبالقرب من المحلقة الإدارية لساحة جامع الفنا، التقت هسبريس بمجموعة من السياح الجدد القادمين من إسرائيل، فقال يوري إدي: “جئت من جيروزاليم وأبهرت بهذه الساحة العالمية، التي أزورها لأول مرة، وأنا سعيد بعودة الحياة إليها، بعد فترة طويلة فرضتها جائحة “كوفيد19″”.
وأضاف السائح ذاته: “أنوي العودة إلى زيارتها مستقبلا.. وها نحن نزور مدينة مراكش، باحترام تام للإجراءات الاحترازية، وأتمنى أن أعود مرة أخرى بدون كمامة وتحليلات مخبرية”.
ومن أجل تدارك الخسائر التي مني بها قطاع المقاهي والمطاعم والتجار، فإنهم يطلبون من الحكومة المغربية أن تتوقف عن سياسة الإغلاق؛ لأنه غير مفيد بعدما تمكن منا “أوميكرون”، ونحن نغلق سماء المغرب، وفتح هذه الأجواء أمام المزيد من حركة الطيران ورفع عدد الرحلات إلى مطار المنارة الدولي؛ لأن ذلك هو الحل الوحيد لانطلاق الحركة الاقتصادية بهذه المدينة التي بني اقتصادها على السياحة، تجمع التصريحات المتطابقة التي استقتها هسبريس من أصحاب هذه القطاعات.