ماتزال الأنظار موجهة نحو أوكرانيا وروسيا بسبب استمرار الأزمة بينهما وعدم نجاح المساعي الدبلوماسية في نزع فتيلها وتفادي حرب ستكون لها تأثيرات اقتصادية قد تشمل جميع اقتصادات العالم.
وفي خطوة غير متوقعة، ورغم التحذيرات الغربية، اعترف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين باستقلال إقليمين انفصاليين بشرق أوكرانيا ووقع معهما اتفاقات تعاون وصداقة، وهو ما نددت به أميركا وحلفاؤها في مجلس الأمن في انتظار اتخاذ عقوبات ضد موسكو.
ورغم البعد الجغرافي، إلا أن لأوكرانيا علاقات اقتصادية مهمة مع المغرب، على اعتبار أن هذا البلد الواقع شرق أوروبا على الحدود مع روسيا، يعتبر من الدول الكبرى من حيث إنتاج الحبوب والذرة.
وبما أن المغرب يعرف موسم جفاف، فإنه سيضطر لاستيراد كمية أكبر من الحبوب، المادة الحيوية في مائدة المغاربة، ويلجأ إلى أوكرانيا بالأساس، إضافة إلى فرنسا والولايات المتحدة الأميركية للحصول على الكميات اللازمة لسد الحاجيات الوطنية.
حول هذا الموضوع، قال كريم كساب، أستاذ مغربي بجامعة زابوريزهزهيا الوطنية في أوكرانيا، إن هذا البلد يتمتع بتربة خصبة وظروف مناخية مواتية لإنتاج المحاصيل الزراعية ولا يواجه أي صعوبات في الموسم الفلاحي الحالي.
وذكر كساب، في حديث لهسبريس، أن أوكرانيا ستداوم على تصدير الحبوب إلى الدول التي تتعامل معها، من أبرزها المغرب والجزائر والسعودية وقطر، وقال إنه من الصعب التكهن بارتفاع الأسعار في الوقت الحالي ونحن على بعد أربعة أشهر من وقت الحصاد.
وأشار المتحدث إلى أن المساعي متواصلة لإيجاد حل سلمي للأزمة الحالية، وأكد أن أوكرانيا تعيش حياة عادية، موردا أن الحرب غير متوقعة من طرف المواطنين الأوكرانيين، وأن ما يروج حول الوضع ميدانياً يبقى حرباً إعلامية تركز على مناطق النزاع منذ سنة 2014.
وبخصوص إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الاعتراف باستقلال إقليمي دونيتسك ولوغانسك الانفصاليين في شرق أوكرانيا كجمهوريتين مستقلتين، قال كساب إن الوحدة الترابية لأوكرانيا مدعومة من طرف المنتظم الدولي، مضيفا أن الأيام القادمة وما ستعرفه من قرارات أوروبية وأمريكية ضد روسيا ستبين ما إذا كان هناك تطور في اتجاه حل الأزمة.
عالمياً، كتبت صحيفة “نيويورك تايمز” مقالا أشارت فيه إلى أن الاقتصاد العالمي، وبعدما تعرض لضربة بسبب الوباء واختناقات سلاسل التوريد والقفزات في الأسعار، يستعد للانتقال إلى مسار آخر لا يمكن التنبؤ به في ظل أزمة أوكرانيا.
ويجمع عدد من الخبراء الاقتصاديين على أن التداعيات الاقتصادية للأزمة الأوكرانية قد تتجاوزت حدود أوروبا، لتمتد إلى عديد من بلدان العالم الثالث، خاصة إذا شهدت كييف اندلاع حرب، سواء امتدت إلى المناطق الريفية أم لا، لأن أسواق الحبوب العالمية، وتحديداً القمح، تراقب عن كثب ما يحدث في أوكرانيا، فكييف إحدى أكبر مصدري القمح والذرة في العالم، ويمكن أن تشهد الأسعار ارتفاعا حاداً خلال الشهور المقبلة إذا أخذت الأزمة منحنيات دموية.
ويتم الحديث بشكل واسع على أن المشكلة ستحدث إذا تواصلت الأزمة الأوكرانية الروسية ولم يعد بمقدور المزارعين الزراعة للعام المقبل، وهذا يعني الاعتماد بصورة أكبر على المخزون الاحتياطي الموجود في كل دولة لسد الاحتياجات الداخلية، وهو ما سيرفع أسعار الحبوب، وتحديدا القمح والذرة، عالميا.