أصبح لغز اختفاء النحل في المغرب قضية تشغل الرأي العام وتؤرق المربين الذين يقفون في حيرة من أمرهم، أمام خلايا أضحى صامتا لا يُسمع فيه طنين.
وبعد تناسل الصور وانتشار الفيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعي، دخلت الحكومة على الخط من أجل فتح تحقيق علمي لكشف ملابسات ما أصبح يُعرف بـ”انهيار طوائف النحل”.
وأعلنت وزارة الفلاحة المغربية، عن إعداد برنامج خاص لدعم مربي النحل المتضررين من ظاهرة “اختفاء النحل” ببعض المناطق في الآونة الأخيرة.
وأوضحت الوزارة في بلاغ صحفي اطلعت عليه “سكاي نيوز عربية”، أنه تم لهذا الغرض تخصيص مبلغ 130 مليون درهم (حوالي 13.8 ملايين دولار) لاتخاذ إجراءات فورية من بينها دعم المربين لإعادة إعمار خلايا النحل المصابة.
ووعدت الوزارة بـ”توزيع طوائف نحل جديدة والقيام بحملة وطنية لمعالجة الخلايا ضد داء “الفارواز” والقيام بحملات توعية لفائدة المربين خاصة ما يتعلق بالممارسات الجيدة لتربية النحل.”
نزيف مرعب
في ضواحي مدينة تازة، شرقي المغرب، يربي التهامي بن علال النحل منذ أزيد منذ 11 سنة، وهو شغف ورثه عن أجداده. الرجل السبعيني الذي يعرف النحل كأصحابه، فوجئ هذه السنة باختفاء عدد كبير منها.
وقال المتحدث لموقع “سكاي نيوز عربية” بنبرة لا تخلو من قلق “لقد ورثت حب الفلاحة وتربية النحل عن والدي الذي ظل يعتني بالنحل منذ أزيد من ستين عاما. ولم أر من قبل تراجعا في أعداد النحل كالذي نشهده اليوم”.
ويؤكد المتقاعد الذي تفرغ للعناية بأسراب النحل وغرس أرض الأجداد، بأن عددا من سكان هذه القرية الصغيرة بمنطقة البرانس، لاحظوا تراجعا كبيرا في أسراب النحل ونقصا حادا في إنتاج العسل.
وتابع حديثه متوجسا “حقا نحن لا ندري السبب وراء هذا التراجع المخيف، لقد أوشك النحل على الانقراض ببلدتنا. وهذا يقلقنا كثيرا، لأن النحل بالنسبة لنا، حشرة مباركة، لها منافع كبيرة إلى جانب إنتاج العسل”.
واستطرد التهامي قائلا “هناك من يُرجع ذلك إلى شح المياه الذي بدأ يلوح في الأفق بسبب قلة التساقطات، وتأثيرها على وفرة المراعي وما يترتب عن ذلك من قلة الموارد الضرورية لتغذية النحل، وهناك من يشير بأصابع الاتهام إلى مرض غامض، لكننا لا نعرف الحقيقة”.
تقييم الخسائر
تساؤلات الفلاحين إلى النقابة الوطنية لمحترفي تربية النحل بالمغرب، فأكدت الأخيرة، أنها وقفت على “كارثة حقيقية” تتجلى في العدد الكبير من خلايا النحل المتضررة، مما سيؤثر لا محالة على مردودية إنتاج الفواكه بهذه المنطقة بسبب قلة النحل الملقح للأشجار المثمرة في فترة إزهارها.
ويعود رصد أول حالة مرضية للنحل إلى أواخر شهر مايو 2021، بمنطقة بزو وفم الجمعة بإقليم أزيلال. وحسب النقابة، التي أكدت احترامها لخلاصات المكتب الوطني للسلامة الصحية، وعدم معارضتها، فإن ما يصيب النحل هو “ظاهرة مرضية وليس لغزا”.