يسارع المغرب الخطى لتدارك العجز المتوقع في مخزون القمح، بسبب الجفاف وارتفاع الأسعار عالميا، جراء الحرب الروسية الأوكرانية والقيود المفروضة على تصدير الحبوب.
وقالت الحكومة، إن “الأزمة الروسية الأوكرانية رفعت أسعار الحبوب، لكن الدولة تتحمل الفارق دون أن تتأثر أسعار البيع للمواطنين”.
وأعلنت الحكومة في 19 ماي الماضي، أن مخزون البلاد من القمح يكفي لمدة 4 أشهر، بعدما كان يغطي في 7 أبريل الفائت احتياجاتها لمدة 5 أشهر.
وقالت إن “أسعار القمح شهدت ارتفاعات كبيرة جدا ومهولة، بسبب اتخاذ مجموعة من القرارات من طرف عدد من الدول في ظروف تتسم بالحرب والتقلبات، وهو ما يساعد أكثر في ارتفاع الأسعار”.
اختيارات اقتصادية
الخبير الاقتصادي فؤاد عبد المومني، يرى أن الشارع يتحدث اليوم عن القمح والحبوب بشكل عام، والمخاوف من نفادها، وكأنه (القمح) أصبح الضرورة الحيوية الأولى والأساسية للمغاربة.
وأضاف “أعتقد أن وضعيتنا المتمثلة في عدم الاطمئنان على أمننا الغذائي، سببها فشل استراتيجيتنا التنموية بشكل عام، وليس فقط لبعض القرارات، كتغليب الفلاحة التصديرية على الاستهلاكية المحلية”.
وأضاف الخبير الاقتصادي: “جوهر المشكلة أننا لم نخلق التنمية للبلد بشكل كاف، ليصبح في وضعية مريحة لمواجهة الصدمات والأزمات، من قبيل ما نعيشه اليوم”.
تراجع الإنتاج
وأعلنت وزارة الفلاحة، في 13 ماي الماضي، أن الإنتاج المتوقع من الحبوب سيتراجع خلال الموسم الحالي 69 بالمئة مقارنة بالموسم السابق.
جاء ذلك في بيان للوزارة توقع أن يبلغ “إنتاج الموسم الحالي من الحبوب الرئيسية (القمح اللين، القمح الصلب، الشعير)، نحو 32 مليون قنطار (القنطار يعادل 100 كغم)”.
وفي 16 فبراير الماضي، أعلن المغرب إطلاق برنامج استثنائي بقيمة 10 مليارات درهم لدعم القطاع الزراعي، والتخفيف من آثار تأخر تساقط الأمطار هذا الموسم.
دروس مستخلصة
وقال عمر الكتاني، أستاذ الاقتصاد بجامعة محمد الخامس بالرباط إن “المغرب يتوقع إنتاج 32 مليون قنطار من الحبوب هذا العام، وله ادخار وطني يصل إلى 4 أشهر”.
وزاد الكتاني: “لن يحدث أي اضطراب في تمويل السوق الوطنية من الحبوب حتى حلول فصل الخريف، لكن سيكون أمامنا التفكير في حلول سريعة للفترة الخريفية”.
وتابع: “أتوقع أن تكون هناك إمكانية لاستيراد الحبوب في الخريف، لكن السعر سيكون مرتفعا كثيرا.. هناك توقع بتصدير روسيا نحو 20 مليون طن من الحبوب في الأشهر المقبلة، إذا تم تأمين مرور بواخرها بالسواحل”.
وأضاف: “هذا يعطي أملا في تزود البلدان بالحبوب، لكن بكلفة أعلى، وهذا شيء سيعاني منه المغرب كما عدد من دول العالم”.
وخلص عمر الكتاني، إلى أن “دول شمال إفريقيا يجب أن تستخلص الدروس مما يقع”، مضيفا: “للأسف ما زال هناك تشبث بالمخططات الصناعية المعتمدة على التصدير دون السعي نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي”.
السيادة الغذائية
ويرى عبد المومني، أن “مسألة السيادة الغذائية مقولة تقريبا تم تغييبها بفعل هيمنة المدرسة الليبرالية منذ عقود، على الفكر والخطاب والممارسة الاقتصادية في العالم”.
وقال: “عموما كان هناك تنافس بين المدرسة الليبرالية التي تقوم على البحث عن الميزة التنافسية، وإنتاج ما ننتجه أحسن من الآخرين، واستيراد ما ينتجه الآخرون بشروط أحسن من شروطنا”.
وتابع: “هذه الهيمنة تتعرض في ظل الأزمة المتعلقة بفيروس كورونا والحرب في أوروبا للمساءلة، بعد اضطراب سلاسل الإنتاج”.
وذهب عبد المومني إلى أن “السؤال المطروح حاليا، يتعلق بمدى القدرة على الاستجابة للحاجات الأساسية للمواطنين”.
فرق الأسعار
وفي 24 فبراير الماضي، أعلنت حكومة أخنوش تحمل فرق أسعار القمح داخل البلاد، بعد ارتفاعها عالميا جراء تداعيات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا.
وتبرز أوكرانيا باعتبارها خامس أكبر مصدر للقمح في العالم، وتعرف في أوروبا بـ “سلة الخبز”، إذ صدرت ما قيمته 3.1 مليارات دولار من القمح في 2019.
وفي 10 مارس الماضي، قالت الحكومة المغربية، إن “الأزمة الروسية الأوكرانية لن يكون لها أي تأثير على وارداتنا من الحبوب”.
وأطلقت روسيا، فجر 24 فبراير عملية عسكرية في أوكرانيا، تبعتها ردود فعل دولية غاضبة وفرض عقوبات اقتصادية ومالية على موسكو.
الاستيراد متواصل
وزير الفلاحة محمد صديقي، قال في 11 أبريل الماضي، إنه حتى نهاية الأسبوع الأول من الشهر نفسه، استوردت المملكة 18 مليون قنطار (حوالي 2.6 مليون طن) من القمح منذ نونبر الفائت.
وأضاف صديقي: “في الأزمة المتعددة العوامل والتي يمر منها العالم، عرفت أسعار الحبوب ارتفاعا مهولا في الأسواق العالمية”.